تحــــديــــــــــث

Please click on the following link and make a contribution

مجمــــوعة وفــــــــــــــــــــــــاء

My friend wanted to publish this article in Al-Qabas. Well.. as kella ma6goog experienced repeatedly, they refused to publish it! I wonder why!!!

She asked me to publish it in here signed by her name. I couldn’t say no…. it’s a piece of art!

ذنبه انه رجل في زمن الغلمان

احتلت بلادنا ولم نتكلم .. تمدد السرطان لدولنا المجاورة ولم نحرك ساكنا .. أجبرنا على القبول بمعاهدة سلام جائرة ولم نعترض .. تسربت سموم الغزاة لبيوتنا وأعمالنا وحكوماتنا وتظاهرنا بالعمى .. استخدمنا العدو كأهداف تدريب وأخذ يقصفنا ويقتلنا ويهدم بيوتنا للمتعة واستعراض العضلات فأدرنا له الخد الآخر.. لماذا؟ لأنه بالتوافق مع عملية التطبيع التدريجي تمت عملية إخصاء بطيئة تمسح الكرامة وتلغي العقل وتمحو الإنسانية وتشوه المنطق، فلم يعد في زمننا رجال واختفى للإنسانية فينا كل أثر. واقتنعنا مع الوقت أننا الجناة وإننا أقل درجة من الآدمية عن غيرنا وأن أرواحنا وأعراضنا أقل ثمنا من ممتلكاتهم وان السكوت عن الحق فضيلة والدفاع عن الشرف إرهاب وجريمة.

لنستعرض أحداث الأشهر الماضية كمثال. استمرت إسرائيل دون أي سبب منطقي في ضرب غزة والاعتداء على ممتلكات سكانها وقتل الأطفال والمستضعفين فيها. فأشحنا وجوهنا وآثرنا ألا نرى ما يحدث. أخذت أخبار الاعتداءات الصفحات الأخيرة في الصحف، واعتمدت نشرات الأخبار جملا تقليدية لمجرد التأكيد على استمرار "الأحداث المؤسفة". لم تعد جثث الأطفال تهزنا وما عاد هدم البيوت يخلق أي تعاطف. بل العكس .. أرحنا ضمائرنا بإقناع أنفسنا بأن أهالي غزة يستحقون ما ينزل بهم لانتخابهم الحكومة الخطأ!

لم يعد لحدودنا حرمة أو معنى ولا تستحق أرواحنا عناء الدفاع. فالعشرات من الجنود يقتلون شهريا على الحدود الإسرائيلية المصرية والأردنية والسورية دون سبب ولا تبرير ولا نسمع بهم. الآلاف من أسرانا يقبع في سجون إسرائيل دون محاكمة أو أبسط حقوق الإنسان ولا أحد يتذكرهم. طائرات العدو تسرح وتمرح في أجوائنا دون حسيب أو رقيب أو الشعور الطفيف بالحرج. تمت برمجتنا لنتقبل أننا "ما ملكتم أيمانهم" وبالتالي أعراضنا مشروعة لهم وأملاكنا حلال عليهم و أرقابنا ملك أيديهم. بل وصل بنا الحد التماهي بالعدو واستخدام نفس أساليبه وأفكاره ضد بعضنا البعض. فصار هنالك سادة بين العبيد ووجهاء بين الخدم. وتسابقنا في التبرج والتأنق لإرضاء أسيادنا والبقاء أطول في أحضانهم.

ثم ظهر ذلك المجنون الذي آمن أن لدولته سيادة وحدود، وأن أبناء فلسطين إخوانه وأهله. وبلغ فيه الأمر أن صدق أننا بشر كسائر الناس وان أرواحنا لها ثمن مساو لغيرها. ووصل به الحال أن يتطاول على السادة ويصدق أنه قادر على التخاطب معهم بلغتهم وأنه "قد" ينجح. ولما لا؟ فقد سبق له أن أقدم على "مغامرة" ونجح! وأقنع إسرائيل أن جنوب لبنان "مختلف" عن باقي الوطن العربي ولا يصلح للشراء أو البيع. ولكنه لم يبلغ من الجنون الدرجة التي تتوقع دعمنا أو مشاركتنا. ولم يصل به الأمر أن يتخيل أن هنالك فينا من لم يخصى بعد. فكان واقعيا إذ خطط وعمل ونفذ بنفسه وقرر تحمل النتائج بمفرده. ولم يطلب منا حتى الدعاء.

توقع أن نشيح بأنظارنا كما فعلنا بإخواننا في الأراضي المحتلة. وتخيل أننا سنشكك ونتشاءم ، ننظر ونجادل ، ولكن ما لم يتوقعه أن نقف في صف العد ضده. ولما لا؟ كيف نسمح له أن يضع المرايا أمام أعيننا ويفضح عوراتنا؟ من أعطاه الحق أن يعطي مثالا لأبنائنا بحياة أخرى بعد أن تعبنا في تعليمهم دور العبيد؟ كيف يجرؤ أن يعيد مفاهيم الكرامة والرجولة والشهامة و"القومية" بعد عقود من العمل الضان لطمسها؟ لقد تعبنا لنتعلم موقعنا في سلسلة الغذاء السياسي. لما يعيد تشكيل السلسلة؟!

عذرا سيدي .. لا يمكننا أن نسمح لك أن تحرك الماء الراكد وتخلق أملا في الحياة. فنحن طفيليات، لا نعيش في الماء النظيف. نحن خدم، لا نقتات سوى على فضلات أولي الأمر. نحن عبيد، حياتنا لا معنى لها دون رضا السادة. لا نعرف معنى الكرامة ولا نملك ما يمكننا من التأقلم مع الحرية ولا ندري كيف نكون رجالا. لا نعرف ماذا سنفعل لو جرت الدماء في عروقنا أو لو تيقظت عقولنا بعد هذا السبات الطويل. نتوسلك سيدي ألا تزرع في قلوبنا أملا .. فالأمل قاتل في زمن الردة.

ايمان علي البداح