حزاوي إسلامية... ودان براون

من بديت أقرا معروف الرصافي وأنا في بالي أكتب عنه... حتى كنت ناوية أسويها سلسلة رمضانية ... لكن ازدحام الشخابيط في دماغي منعتني من التركيز.. إلى أن اضطريت أنحبس في البيت قسرا.. وأركز غصبا على اللي يابني

عموما.. كتاب الأستاذ معروف الرصافي "الشخصية المحمدية" أو "اللغز المقدس" من الكتب القديمة والقيمة.... لكن العقول المتعفنة منعته من التداول... أو هكذا اعتقدوا.. وكل الشكر لمنشورات الجمل على استمرارها في طباعة مثل هذه الكتب الجميلة

معروف الرصافي مات في 1945 وكتب هذا الكتاب في 1933... لكن كلنا نذكر أبو جهل.. قصدي طبطب لما طالب وزير الداخلية من كم سنة بمنع معروف الرصافي من دخول الكويت لأنه "غلط" على الرسول في هالكتاب... أقول لكم عقول معفنة!؟

ما علينا

الكتاب ضخم ولغته صعبة على واحدة زي حلاتي... لكن.. حتى أنا فهمت وقدرت المجهود البحثي والتفكير النقدي المبذول في هالكتاب.... ناهيك عن ذكاء الطرح... ولذلك... اتفقت مع نفسي أن أقسم الموضوع على حلقات أسميها حزاوي إسلامية مبنية أساسا على كتاب الرصافي مع بعض اللمسات الأرفانية – وبقدر الإمكان.. بالعامية

من غرائب الصدف.. إني في نفس الوقت تقريبا قريت آخر رواية لدان براون

(The Lost Symbol)

... واللي كانت فعلا أكثر من رائعة وحجم المعلومات اللي فيها ...خيالي... والعلاقة بين الكتابين هي في موضوع "وحدة الوجود"

نبدأ بحديث الرصافي عن توحيد الآلهة... وشلون هالمبدأ يرتقي بالناس من طور عبودية عامة إلى طور عبودية خاصة... وعلى هالأساس... فكرة التوحيد تفيد الناس ما تفيد الله.. لأنها تحررهم من العبودية لغير الله.. فنفعها لا يعود إلا إليهم وفائدتها لا تكون إلا لهم ... وإلا فإن الله لا يضره أن يعبد الناس غيره كما لا ينفعه أن يعبدوه دون سواه (ان الله غني عن العالمين) – سورة آل عمران – 97

الفايدة الثانية من العبودية الخاصة هي التحرر اتجاه النفس في جميع أحوالها.. إلى الأصل الذي تفرعت منه.. والذي هو مرجعها في النهاية (وإليه ترجعون) – سورة البقرة-245، 281 – سورة يونس 156 – سورة هود – 34

شنو يعني؟

يعني مهما كانت العبودية الخاصة شريفة إلا أن هناك مرتبة أعلى منها وهي مرتبة الفناء في الحقيقة الكلية المطلقة اللانهائية التي هي ذات الله...وعنوان هذه المرتبة "لا موجود إلا الله" وهي المعبر عنها في كلام فلاسفة الإسلام، وحدة الوجود

هالمرتبة معناها إن اللي يقدر يوصل لها ...يتوسع بفكره إلى الاندماج في الوجود الكلي.. نافيا فيه.. ناسيا الوجود الجزئي -الذي يتواجد بشكل صوري- وإنما الموجود هو الوجود الكلي.. المطلق.. اللامتناهي

ويرى الرصافي بأن الرسول قد وصل إلى هذه المرتبة العليا وقد عبر عن وحدة الوجود في القرآن (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) – سورة الحديد -3

أما دان براون فكان يتكلم عن اتفاق الأديان السماوية وغيرها من الديانات والفلسفات في "وحدة الوجود"... فنراها في اليهودية

(You are the temple of God)

والمسيحية

(The Kingdom of God is within you)

والبوذية

(You are God Yourself)

.. فمو غريب نشوفها عند المتصوفين من المسلمين..وبالتالي.. مو غريب يكون الرسول من المؤمنين بهالفلسفة.. خصوصا بأنها فلسفلة أقدم بكثير من الإسلام بحد ذاته وتمتد إلى إله الفراعنة رع
الصدفة أن الرصافي استخدم الوصف الماسوني للرب

The Great Architect of The Universe

أو بكلمات الرصافي "مهندس الكون الأعظم

يا ترى .. هل كان الرصافي ماسونيا؟ أم أنها غرائب الصدف؟